من ارتمى في حضن الآخر.. الشاهد أم النهضة.. الأسباب والأهداف؟ - RNV

Header Ads

من ارتمى في حضن الآخر.. الشاهد أم النهضة.. الأسباب والأهداف؟


قرأ البعض في ما صرّح به الناطق الرسمي لنداء تونس المنجي الحرباوي إعلانا ضمنيا لنهاية التوافق بين النداء والنهضة...فالحرباوي قال ما معناه أن حكومة الوحدة الوطنية انقلبت إلى حكومة للنهضة يرأسها يوسف الشاهد..لكن هل أصاب فعلا الحرباوي في ما قاله فللنداء ربع وزراء هذه الحكومة وكتاب دولتها والنداء هو من اختار الشاهد ليكون في القصبة...فهل يعني ما قاله أن النداء سيخرج قريبا من هذه الحكومة؟؟ وهل يعني هذا بالأساس أن النداء فشل رسميا في إبعاد الشاهد عن القصبة والحال أنه من اختاره ليكون هناك؟؟؟ وهنا وجب طرح السؤال الأهمّ من المتسبّب في كل ما جرى ويجري اليوم في مشهدنا السياسي؟؟ كل ما يقع اليوم في المشهد لا يعبّر عن واقع المشهد الحقيقي...فـــ "الائتلاف الوطني الواسع للإنقاذ" الذي تحدّث عنه الحرباوي سينقذ مَنْ مِنْ مَنْ؟؟ سينقذ النداء من النداء أم النداء من الشاهد أم النداء من النهضة أم تونس من هؤلاء جميعا؟؟؟ هذا السؤال الذي وجب طرحه اليوم فكيف يمكن التفكير في ائتلاف إنقاذ وطني من طرف أغلبي في الحكم؟؟ وهل ستقبل النهضة بإنهاء التوافق وفكّ الارتباط بينها وبين النداء؟؟



ما نعيشه اليوم هو مجرّد إعادة انتشار قبل الاستحقاق الانتخابي القادم...فالنهضة وهي المكوّن الإسلامي الوحيد الذي نجا من الإعصار الذي أتى على كل المكوّنات الإخوانية والإسلامية التي خرجت للعلن بعد "الربيع العربي" المزعوم والمقبور...فالنهضة لم تكن لتصمد أمام الإعصار لو لم يقع لقاء باريس بين السبسي والغنوشي...فلقاء باريس جاء في الوقت القاتل قبل أن يجرفها تيّار الإعصار الذي هزّ عرش محمد مرسي في مصر ...فالغنوشي تأكد أن النهضة مقبلة على أيام سوداء إن لم ينجح في إيجاد حضن يحميه وجماعته مما وقع لمحمد مرسي وجماعته...ونجح في ذلك من خلال التآلف والتحالف مع السبسي...فالنهضة إذن عاشت آمنة خلال الفترة التي مضت من عهدة حكم التآلف الذي يربطها بالنداء...ولا أظنها مستعدّة اليوم إلى فكّ الارتباط في ظلّ المتغيّرات الإقليمية، وبقاء بشار في الحكم... والقضاء على آخر جيوب داعش في العراق...لكن نتائج الانتخابات البلدية الأخيرة جاءت لتدق ناقوس الخطر بالنسبة للشيخ ومن معه...فهزيمة النداء المهينة رغم الإدعاء بغير ذلك من بعض قيادات "الحزب الحاكم" لم تسعد النهضة التي تريد مواصلة العيش في جلباب النداء والسبسي لعهدة أخرى قبل النجاح في الانصهار والاندماج بين النسيج المجتمعي للمشهد السياسي في تونس خلال قادم السنوات...فالنهضة لم تنجح إلى حدّ الساعة في إقناع الجميع بأنها "مكوّن أساسي" للمشهد...ولم تنجح في محو الصورة التي يحملها عنها أغلب من يكوّنون المشهد السياسي في البلاد من اليمين إلى اليسار...لذلك تبحث عن تمديد التوافق والعيش في ظلّ حزب أغلبي نسبيا يحميها من كل الهزّات التي قد تهدّد وجودها...فالنهضة ستفرّط في العديد من البلديات لأليفها وحليفها النداء أملا في إعادة اللمعان والبريق لما تآكل منه... وستتنازل عن عديد المطالب حفاظا على موقعها في حضن حليفها...لكن هل قررت النهضة تغيير الحضن الذي يحميها بتمسكها بيوسف الشاهد ؟؟ أم تريد فقط رفع سقف مطالبها قبل أن تترك الشاهد لمصيره؟؟

واقع المشهد يؤكّد أن النهضة لن تفرّط في التوافق لكنها تبحث عن ضمانات أكبر لمواصلته...فالنهضة رأت في التقارب بين النداء والإتحاد خطرا على مستقبل تواجدها خاصة وأنها جاهرت في العديد من المرّات برؤيتها الخاصة في تشخيصها للأزمة التي تعيشها البلاد وقد جاء تلميحا لذلك في ما قاله علي العريض أخيرا “لن يتغيّر شيئا إذا لم تتفهّم الأطراف الاجتماعية (في إشارة الى الاتحاد) ضرورة القيام بإصلاحات عبر دراسة الملفات حالة بحالة وتمسّكت بنفس الموقف من رئيس الحكومة الحالي أو غيره”. فالنهضة وداخل بيتها عرفت "المتسبّب الحقيقي" في الأزمة التي تعيشها البلاد منذ 2011 ...لذلك فهي ترى في تقارب "سبب الأزمة" مع النداء مؤشرا لتواصل تدهور الوضع العام في قادم الأيام...


وهو ما قد يتسبب في هزيمة أخرى للنداء تبعده عن صدارة المشهد السياسي بالبلاد وهو ما يعني اضطرارها إلى البحث عن مكوّن آخر يوفّر لها ملاذا آمنا خلال قادم السنوات، فالنهضة تدرك أنها قادرة على الفوز بانتخابات 2019 لكنها تدرك أيضا خطورة ذلك على مستقبل تواجدها...وتمسكها بالشاهد في القصبة هو إشارة منها للنداء أنها تبحث عن مكوّن سياسي قادر على ضمان أمنها خلال قادم السنوات وأنها مستعدّة أن تصنع حضنا آمنا إن لم تجد ذلك في النداء...لذلك طالبت النهضة بالعودة إلى وثيقة قرطاج دون التطرّق إلى النقطة 64 من الوثيقة...فهي النقطة التي ستساوم بها النهضة كل ما سيقع قبل الاستحقاق الانتخابي القادم ضمانا لأمنها وأمن أتباعها...فالشاهد لم يحْتمِ بالنهضة من حزبه ومن الاتحاد ومن بعض المنظمات التي انخرطت في الأزمة بهدف إيجاد موقع في الحكومة القادمة...بل وجد في تمسك النهضة به خير داعم لتمسكه بالبقاء في القصبة...فهو يدرك أن النهضة قد تتخلى عنه في أي لحظة لكنه يريد كسب المزيد من الوقت، وهو العامل الوحيد الذي قد يثني النداء عن التمسك بإبعاده عن القصبة، بعد أن تأكد من عدم ضمان النداء للأغلبية النيابية القادرة على إخراجه من رئاسة الحكومة من خلال نجاحه في تفتيت المشهد النيابي ...فحتى النواب الذين خرجوا من النداء بحجة التحالف مع النهضة قبلوا اليوم بدعم النهضة وتمسكها بالشاهد نكالة في النداء...فهل يتواصل تمسك النهضة بالشاهد...أم تفعل النهضة بالشاهد ما فعلته بالصيد ضمانا لبقائها في دفء حضن النداء...فالنهضة كسبت من خلاف الشاهد مع حزبه وتخلّصت من كل ما يؤرق قياداتها وأتباعها...ونجحت في زرع بعض منتسبيها في بعض مفاصل الدولة...وستكسب أكثر يوم يعود الوئام بينها وبين النداء...كما أن النهضة على يقين أن الشاهد سيقدم على الترشّح للانتخابات الرئاسية القادمة ولن تمنعه من ذلك ليبقى عنوان مساومة النداء لقادم المحطات والأيام....فقد تختاره مرشحا لها ليكون حضنها الضامن لأمنها في قرطاج...إن تأكدت من ابتعاد النداء عن صدارة المشهد القادم....وقد تعرقل مسيرته وتقطع الطريق بينه وبين قرطاج إن تأكدت أن النداء سيبقى محافظا على مكانته في المشهد القادم...
Fourni par Blogger.